التسويق التأثيري .. نمط تسويقي جديد في ظل تطورات العصر

مر مفهوم التسويق بالعديد من المراحل والتحولات منذ بداية ظهوره إلى يومنا هذا، فمن التسويق التقليدي الذي يعطي الأولوية لتلبية احتياجات الزبائن ولرفع حجم المبيعات، إلى التسويق الإلكتروني الذي يؤكد على مواكبة التكنولوجيا والاهتمام بالاتصالات وكذا تحسين جودة العملية التسويقية، وصولا إلى التسويق عبر مواقع التواصل الاجتماعي الذي أحدث نقلة نوعية في هذا المجال.

ويعد التسويق من خلال المؤثرين عبر مواقع التواصل الاجتماعي “أو التسويق التأثيري” أحد أبرز أنواع التسويق التي ظهرت بعد ظهور هذه الشبكات الاجتماعية واستعمالها في الميدان التسويقي، كما يعتبر من أهم الأنماط التسويقية في عصرنا الحالي، إذ أنه صار من الصعب على الشركات والماركات التجارية أن تبني استراتيجياتها التسويقية دون الاستعانة بهؤلاء المؤثرين.

ومع انخفاض نسبة متابعة وسائل الإعلام التقليدية كالتلفزيون من جهة وتنامي دور مواقع التواصل الاجتماعي من جهة أخرى، برز المؤثرون كجنود يحتلون مكانة مميزة وسط متابعيهم، حتى أصبحوا يلقبون بـ”قادة الرأي العصريين”.

كيف يتم التسويق من خلال المؤثرين؟

يتم التسويق من خلال المؤثرين عبر مواقع التواصل الاجتماعي عن طريق اتفاق الشركات والمؤسسات التجارية معهم، بحيث يقوم المؤثرون بصناعة محتوى عما تقدمه الشركات والمؤسسات من منتجات وخدمات، وينشرونه بين متابعيهم عبر قنواتهم على مواقع التواصل، يكون ذلك من خلال كتابة تدوينات أو وضع صور أو وضع فيديوهات تتضمن المنتجات والخدمات في محتواها.

ويستعمل المؤثرون تقنيات تسهل عليهم عملية التسويق عبر مواقع التواصل الاجتماعي حيث يمكن ذكر تقنية الفلوغ (Le Vlog)، وهي محتوى اتصالي مُنجز على دعامة الفيديو، يستعملها المؤثر لمشاركة حياته واهتماماته وشغفه من خلال تصوير مقطع فيديو وبثّه في حساباته على مواقع التواصل الاجتماعي. أيضا توجد تقنية الستوري (Story) التي يستعملها المؤثرون بشكل كبير نظرا لفعاليتها التسويقية، فقد أكدت الدراسات بأن معظم مستخدمي مواقع التواصل يتابعون المؤثرين من خلال هذه التقنية.

كما توجد تقنيات أخرى تساعد المؤثرين في نشاطهم التسويقي أبرزها تقنية تنسيب المنتجات (Placement de produits)، تقنية المجموعة الطنّانة (Le Buzzkit)، وتقنية الحدث الحي (L’évènement).

المؤسسات التجارية أصبحت تهتم بجمهور المؤثرين

لقد أصبحت المؤسسات والماركات التجارية تخوض غمار التسويق التأثيري في السنوات القليلة الماضية، وأصبحت تعطي اهتماما أكبر لجمهور المؤثرين عبر مواقع التواصل الاجتماعي، حيث يعتبر هذا النمط من التسويق استثمارا فعليا وحلّا اقتصاديا فرضته التطورات الحاصلة في تكنولوجيات الإعلام والاتصال العصرية.

وعلى الرغم أن التسويق التأثيري غير مفعّل بشكل كبير في الجزائر مقارنة بالبلدان الأوروبية أو حتى بعض البلدان المجاورة، إلا أن هذا لا ينفي وجود متابعين أوفياء لمؤثري مواقع التواصل الاجتماعي في بلدنا، هؤلاء المتابعين الذين أصبحوا يهتمون بالتسويق الذي يتم من خلال المؤثرين، مقابل عزوفهم عن أنماط التسويق التقليدية.

نشاط هؤلاء المؤثرين يحتاج إلى هيكلة

وفي ظل المعطيات المذكورة وجب التأكيد على ضرورة الاستغلال الأمثل لنشاط المؤثرين عبر مواقع التواصل الاجتماعي من خلال الاستعانة بهم للترويج للسياحة في الجزائر وإظهار جمال المناطق السياحية والمظاهر الطبيعية الخلابة التي تزخر بها البلاد، وكذا الاستعانة بهم في التسويق للإنتاج المحلي، والترويج للثقافة الجزائرية الأصيلة ولعاداتنا وتقاليدنا الإيجابية.

كما أن التسويق التأثيري يمكن أن يكون مفيدًا جدًا للعلامات التجارية الجديدة، والشركات الناشئة التي تكافح لاكتساب القوة في التسويق. بالمقابل، وجب على المؤثرين أن يكونوا أكثر حرصا على جودة محتواهم عبر مواقع التواصل الاجتماعي، من خلال الابتعاد عن الرداءة والتحلي بالاحترافية والأخلاقيات اللازمة.

محند علي طارق

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى